أطلق
عليه "حي الميدان" لوجود ميدان رحب واسع تُقام فيه سباقات الخيل وجميع
ضروب الفروسية من مبارزة ورماية ومصارعة، ولم يكن الميدان مقتصراً على هذه
السباقات كما يرى الباحث الفرنسي جان سوكاجيه، بل كان ينزل به ويخيّم كلّ من تضيق
المدينة عن إيوائه من الناس، كمواكب الأمراء والوفود والجيوش والقوافل، لم تشهد
ضاحية الميدان العمران الفعلي حتى العهد المملوكيّ لوجود مدينة دمشق ضمن السّور
عدا (العقيبة والصّالحية(
فحي
الميدان أحد الأحياء القديمة والعريقة بدمشق، واكب تاريخ تطور دمشق العمراني
والاجتماعي ليكون معلماً من معالم حضارتها وتراثها، اشتهر أهله بالجود والنّخوة
والكرم والشجاعة، والمحافظة على شعائر الدين ومكارم الأخلاق، وازدحمت ضاحية
الميدان قديماً بالجموع الغفيرة المغادرة والعائدة من الحج، ما زاد من أهميّتة
وشهرته الاقتصادية لما يرافق هذه المناسبات من ازدهار للأسواق الموسمية الحافلة
بمظاهر مختلفة وحركة اقتصادية كاملة .
بدأت الضواحي السكنية بالظهور خارج أسوار مدينة دمشق في العهد
المملوكي، منها السويقات (السويقة وسوق ساروجا)، عدا التوسعات التي طرأت على
الصالحية والعقيبة، ومنها أيضاً ضاحية الميدان، حيث ظهرت فيها المساجد وبعض
المدارس، واشتهرت بزواياها الكثيرة، وما زال عدد كبير من هذه الآثار موجوداً إلى
الآن، ومنها: جامع منجك، المدرسة القُنشليّة، الزاوية السّعديّة، تربة أراق
السِّلَحدار، تربة النائب تنم (التّينبيّة)، تربة الشيخ حسن ابن المزلّق، وعدد من
الترب المملوكيّة الأخرى.
ولا نجد في الميدان اليوم أي بناء
يعود إلى العهد الأيوبي، بل كانت آخر حدود أبنية هذا العهد عند محلّة باب المصلّى
وشماليّها السويقة، فكانت أرض الميدان قبل ذلك مجموعات منفصلة وقريّات، مثل
القُبيبات، نواة حي الميدان الفوقاني (القسم الجنوبي من الميدان)، وفيما بعد أخذت
هذه الأحياء بالاتساع، حتى ارتبط بعضها ببعض وصارت ضاحية كاملة كبيرة جنوبي دمشق،
ومن أهم آثار العهد العثماني في الميدان: جامع مراد باشا، حمام فتحي، كما تعود
أكثر دور الميدان الفخمة إلى هذا العهد، ولكن تم هدم عدد كبير من هذه الدور
الجميلة في أواخر السبعينيات عند شق الطريق المتحلق الجنوبي، كان من أجملها دار
الموصلي ودار البيطار.
يعد
حي الميدان أكبر ضواحي دمشق على الإطلاق، في جهتها الجنوبية، فإن أقدم ذكر له كان
في العهد الفاطمي، كما ورد لدى المؤرخ الدمشقي "أبي يعلى القلانسي" في
كتابه "ذيل تاريخ دمشق" في حوادث سنة 363هـ، والجدير بالذكر أن به إلى
اليوم مسجد قديم يعود إلى العهد الفاطمي يعرف بمسجد (فلوس (
يقول
المعمر الميداني "فهد القويدر": "لم يحظ حي الميدان حتى اليوم
بدراسة تاريخية وافية تلخّص مسيرته الحضارية عبر العصور، وتحصي ما تبقى من أوابده
المعماريّة المهمّة، وتتقصّى تاريخه الشعبي ودور أهم عائلاته في سيرة دمشق على
صعيد العلم والدين والتربية والجهاد والفنون والصناعة والاقتصاد قبل أن تضيع ما
تبقى من ذكريات لمّن تبقوا من شيوخ الميدان الذين عاصروا بدايات القرن العشرين"
ويورد
التاجر "موفق المصري": "استقطب حي الميدان عدداً من أفراد السّلك
العسكري المحلي (الإنكشارية اليرليّة) لما اختص به الحي من الثراء الكبير من خلال
تجارة الحبوب والمواشي والغلال الزراعية والمنتجات الحيوانية، فظهرت طبقة كبيرة من
الأعيان بالحي جمع أفرادها بين الانتماء إلى السلك العسكري المذكور والتجارة
الوفيرة الربح"
تباع
في الميدان التحتاني الحبوب بأنواعها في حوانيت فسيحة تُسمّى بَوايك (جمع بايكة)،
وفيه أهراء كبيرة لخزن الحبوب، وكثير من الخانات والأحواش لربط الدّواب والجِمال
ولإيواء الغرباء، ومعامل متعدّدة لأعمال مختلفة كالنسيج والحياكة.
يُقسم حي الميدان في عُرف أهله إلى ثلاثة أقسام الميدان
التحتاني مما يلي باب المصلّى، ثم الميدان الوسطاني، وبعده الميدان الفوقاني عند
بوابة الله، ويشقّها طريق الحج المعروف باسم «الدرب السلطاني»، ومن أشهر أسواقه
سوق الجزماتية الممتد إلى بوابة الله (باب مصر) ويضم من الأحياء والمحال: سوق
الجزماتية، الحقلة، ساحة عصفور، ساحة بحصيص، والراقية، وزقاق الطالع، وزقاق البرج،
وزقاق الماء، وزقاق أبي حبل، والمشارقة، والحارس، والجمّالة، والقلاينية، والنصار،
وزقاق قيصر، وفيما يلي ذكر لبعض حارات وأحياء الميدان:
قسّمت
المدينة إدارياً إلى ثمانية أثمان أواخر العهد العثماني، فكان ثُمنان منها يشملان
حيّ الميدان: التحتاني والفوقاني، فحي الميدان التحتاني: بدايته من السّويقة،
ويشمل بداية الدرب السّلطاني، وخان المغاربة، وزقاق الأربعين، وزقاق الأورفه لي،
وزقاق النقشبندي، والقبّة الحمراء، والتّيامنة، وباب المصلى، وزقاق القملة، وقاعة
النشا (تسمى القاعة اليوم اختصاراً)، وزقاق الموصلي، والتنورية، والقرشي،
والعسكري، والمحمص، وزقاق البصل، والقبيبات فيه جامع النارنج وجامع صُهيب (تربة
أراق)، وجامع الزاوية، وجامع القوّاص، وجامع الرفاعي، وجامع منجك، والكريمي (جامع
الدقاق اليوم)، ومدرسة الخانكيّة (محكمة الظلم، التي كانت بمثابة القصر العدلي
اليوم)، ومدرستان أميريّتان للبنين والبنات.
وفي الميدان الفوقاني: جامع الدقاق، وزاوية الشيخ سعد الدين الجباوي، ومسجد العسال وحمّام الجديد، وحمّام الدّرب، وحمّام التّوتة، وحمّام منجك، وحمّام الرّفاعي، ثم معمل السكة الحديدية الحجازية (أي المحطة وورشاتها)، ومحطة سكة حديد بيروت وتمديداتها، وثكنة المتطوّعة، والثكنة العزيزية.
وفي الميدان الفوقاني: جامع الدقاق، وزاوية الشيخ سعد الدين الجباوي، ومسجد العسال وحمّام الجديد، وحمّام الدّرب، وحمّام التّوتة، وحمّام منجك، وحمّام الرّفاعي، ثم معمل السكة الحديدية الحجازية (أي المحطة وورشاتها)، ومحطة سكة حديد بيروت وتمديداتها، وثكنة المتطوّعة، والثكنة العزيزية.
اشتهر
من أهل الميدان عدد من الأسر العريقة حسب ما ذكره الأستاذ "زياد
الملقي": كآل العابد، سكّر، البيطار، الحكيم، المهايني، دعبول، حبنّكة،
النّوري، حتاحت، الرّفاعي، الرجال ، الجباوي، الحملي، سرحان، خطّاب، الميداني، عبيد
،الصبّاغ، السّاسة، الغبرة، البرغلي، أبو حرب، سحلول، الموصللي، الملقي، وقد ظهر
في حيّ الميدان ثلّة من العلماء الأئمة، منهم: المجاهد الشيخ "محمّد
الأشمر"، الذي نفته القوات الفرنسية خارج دمشق،
العالم والفقيه "عبد الغني
الغنيمي"، ومنهم الشيخ "حسن حبنّكة" الميداني، والشيخ "حسين
خطاب"، والشيخ "محمد كريّم راجح"، كما أقام بينهم وما زال عدد كبير
من العلماء الأفاضل.
ارتبطت بحيّ الميدان صفات النّخوة والكرم والحميّة والشجاعة، وما زالت هذه العادات الدمشقية العريقة قائمة في حي الميدان بجميع عاداتها وتقاليدها الأصيلة، وأخلاق أهلها وتكافلهم الاجتماعي، والتّرابط في جميع الظروف، والميل الكبير إلى الحشمة والتديّن لكونه موئلاً للأصالة، وعنوان لكل ما يخصّ ماضي دمشق وتراثها وجوهرها الأصيل.
يتميز حي الميدان بمطبخه العريق، حيث تكثر اليوم محلات الطبخ والحلويات والمطاعم، التي تقدّم الأطعمة من كافّة الأنواع والألوان الشرقية والغربية، وما زال أهل دمشق يفضّلون ابتياع أصناف الحلويات الشاميّة اللذيذة الشهيرة حيث يُضرب المثل بالـ "العزيمة الميدانيّة "
ارتبطت بحيّ الميدان صفات النّخوة والكرم والحميّة والشجاعة، وما زالت هذه العادات الدمشقية العريقة قائمة في حي الميدان بجميع عاداتها وتقاليدها الأصيلة، وأخلاق أهلها وتكافلهم الاجتماعي، والتّرابط في جميع الظروف، والميل الكبير إلى الحشمة والتديّن لكونه موئلاً للأصالة، وعنوان لكل ما يخصّ ماضي دمشق وتراثها وجوهرها الأصيل.
يتميز حي الميدان بمطبخه العريق، حيث تكثر اليوم محلات الطبخ والحلويات والمطاعم، التي تقدّم الأطعمة من كافّة الأنواع والألوان الشرقية والغربية، وما زال أهل دمشق يفضّلون ابتياع أصناف الحلويات الشاميّة اللذيذة الشهيرة حيث يُضرب المثل بالـ "العزيمة الميدانيّة "
eSyriaمن موقع
جامع منجك
1922
الجزماتية في رمضان
**********
******
**
*